معنى منظرون في قوله تعالى هل نحن منظرون أي هل ينظر الله إلينا يوم القيامة. صواب خطأ

كثيرًا ما تُطرح تساؤلات حول بعض المفردات القرآنية التي قد تبدو غامضة أو تحتاج إلى تدقيق في معناها الحقيقي ضمن سياق الآية. ومن هذه التساؤلات:
“معنى منظرون في قوله تعالى: (هل نحن منظرون)، أي هل ينظر الله إلينا يوم القيامة. صواب أم خطأ؟”
الإجابة: خطأ.
كلمة “منظرون” لا تعني “هل ينظر الله إلينا”، بل معناها مختلف تمامًا في اللغة والسياق القرآني. في هذا المقال سنتناول التفسير الصحيح للفظة “منظرون”، ونوضح سبب ورودها في القرآن الكريم، وخاصة في سياق يوم القيامة.
أصل الكلمة: “منظرون”
كلمة “منظرون” مأخوذة من الفعل “أنظر”، وليس من “نظر”. وهنا يكمن الفرق الجوهري:
-
“أنظر” بمعنى: أمهل أو أجّل.
-
“نظر” بمعنى: رأى أو أبصر.
إذن، “منظرون” تعني: مؤجَّلون أو ممنوحون مهلة.
الآية المقصودة وسياقها
الآية المشار إليها هي من سورة الشعراء، على لسان أهل النار عند هلاكهم:
“فَأَسْقَيْنَاكُم مَّاءً فُرَاتًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّقُوا مَا بَيْنَ أَيْدِيكُمْ وَمَا خَلْفَكُمْ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلَّا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ * حَتَّىٰ إِذَا أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ إِذَا هُمْ يَجْأَرُونَ * لَا تَجْأَرُوا الْيَوْمَ ۖ إِنَّكُم مِّنَّا لَا تُنصَرُونَ * قَدْ كَانَتْ آيَاتِي تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ تَنكِصُونَ”
(سورة الشعراء 68–75)
وفي مواضع أخرى مثل قول الله تعالى عن الكفار:
“رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ ۚ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا ۖ وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ” (المؤمنون: 99–100)
هنا طلبوا الإمهال، أي أن يكونوا “منظرين”، أي أن يُؤخَّر عنهم العذاب أو يُعطوا فرصة أخرى، وليس أن ينظر الله إليهم ببصره.
التفسير الصحيح لكلمة “منظرون”
قال العلماء في تفسير كلمة “منظرون”:
-
أي: مؤخَّرون عن العذاب.
-
أو: ممكَّنون من البقاء فترة أطول.
-
وقال مجاهد وغيره: “هل نحن منظرون؟” أي: هل نُمهَل فنُرجع إلى الدنيا لنعمل صالحًا؟
وقد وردت الكلمة بصيغة مشابهة في مواضع أخرى، مثل قوله تعالى:
“قال رب فأنظرني إلى يوم يُبعثون * قال فإنك من المنظرين” (الحجر: 36–37)
أي أن إبليس طلب من الله تأجيل موته إلى يوم البعث، فكان من “المنظرين”، أي المؤجلين لا “الذين يُنظر إليهم”.